Sunday, March 31, 2013

منهجية كتابة نص فلسفي



منهجية كتابة نص فلسفي
المقدمة:
من المسلمات التي صارت منازعتها لا تخطر على بال أن مفهوم (مثلا الغير) احتل مكانة مرموقة في تاريخ الفلسفة حيث انكب الفلاسفة و المفكرين على دراسة كل من زاويته الخاصة مما أدى إلى وجود تعارض و اختلاف بين مواقفهم و تصوراتهم و النص الماثل بين ناظرنا يندرج ضمن نفس المفهوم إذ يسلط الضوء مسألة (………..) و من هنا بإمكاننا بسط الإشكال التالي :هل................أم....................؟
و منه بمقدورنا إيراد الأسئلة التالية: بأي معنى يمكن القول......................................والى أي حد يمكن اعتبار................................
العرض:
من خلال قراءتنا للنص يتضح انه ينبني على أطروحة أساسية مضمونها.................................(ثلاثأسطر على الأقل(
حيث يستهل صائغ النص نصه (بتأكيد أو نفي أو استخدام الأساليب الحجاجية و الروابط المنطقية (...............................
و قد استثمر منشئ النص جملة من المفاهيم الفلسفيةأهمها............................................. ....................................
و في خضم الاشتغال على النص ثم الوقوف علىمجموعة من الأساليب الحجاجية و الروابط المنطقية أبرزها...................
تكمن قيمة و أهمية الأطروحة التي تبناها صاحب النص في................................................ ...............................
)
و لتأييد أو تدعيم أو لتأكيد) موقف صاحب النص نستحضر تصور .................................................. ..................
)
وعلى النقيض أو خلاف أو في مقابل) موقف صائغ النص يمكن استحضار تصور.............................................. ...
)
للتوفيق أوكموقف موفق) بين المواقف المتعارضة السالفة الذكر بمقدورنا إيراد تصور............................................
خاتمة:
يتبين مما سلف أن إشكالية الشخص بين الضرورة و الحرية أفرزت موقفين متعارضين فادا كان صاحب النص ومؤيده (فيلسوف أو عالم أو مفكر) قد أكد على أن.......................فان معارضهما(فيلسوف أو عالم أو مفكر) قد خالفهم الرأي حيثأقر........................................
أما فيما يتعلق بموقفي الشخصي فإنني أضم صوتي إلى ما ذهب إليه من...............................
بعض الصيغ لاستخدامها للمنهجية
الإطار الإشكالي(المقدمة(
الاستهلال:
مما لا يختلف فيه البيان أن............................................
من المسلمات التي صارت منازعتها................................
لا تخطر على بال كون ...............................................
مما لا شك فيه أن .................................................. ...
مما يستحق الذكر أن ..................................................
من المعلوم أن .................................................. ........
السياق العام
:
و النص الماثل بين ناظرينا ينضوي ضمن المفهوم .....................................
والنص قيد التحليل يندرج ضمن نفس المفهوم ............................................
و النص الذي بين أيدينا يتأطر ضم ننفس المفهوم ......................................
السياق الخاص:
اذ يسلط الضوء على مسألة ............................................
حيث يعالج مسألة .................................................. ......
و يتطرق الموضوع .................................................. ..
اذ يتناول قضية .................................................. ........
الإشكالالعام:
و من هنا بمقدورنا بسط الإشكال التالي هل................... أم ...........................
لدى يجذر بنا طرح الإشكال التالي هل .....................أم ..............................
و في هذا الإطاربمقدورنا وضع الأشكال التالي هل ..........................أم ........................
الأسئلة الفرعية:
و أخيرا ...............................
و منه تنبثق الاستفهامات الجزئية الآتية .............................. ثم ................................ و أخيرا....................................
و بالإضافة إلى هذا الإشكال تنتظم الأسئلةالفرعية التالية ............................ ثم ............................ وأخيرا................................
كما باستطاعتنا بسط الأسئلة التالية ........................ ثم ................................ و أخيرا ...................................
الإطار( الإشكالي (
العرض
التحليل:
تحديد الأطروحة

ينبني النص على أطروحة مركزية مفادها أن.................................
من خلال قراءتنا للنص يتضح أنه ينبني على أطروحة أساسية مضمونها أن............................
يتضمن النص فكرة عامة مبناها.....................................
يتمحور النص حول أطروحة مركزية مغزاها..................................
تحديد الأفكار و الأساليب الحجاجية والروابط المنطقية
حيث يستهل صائغ النص نصه ب...................................
يبدأ كاتب النص نصه ب.................................
إذ يفتتح صاحب النص نصه هذا ب...................................
تحديد المفاهيم
يتضح من خلال النص انه يحتوي على جملة من المفاهيم الفلسفية من قبيل.....................................
لقد وظف صائغ النص لبناء نصه مجموعة مهمة من المفاهيم و المصطلحات الفلسفية يمكننا إيرادها كالتالي.................................... ......
تحديدالأساليب الحجاجية
في خضم الاشتغال على النص ثم الوقوف على مجموعة من الأساليب الحجاجية و الروابط المنطقية أبرزها.......................................
ولتدعيم موقفه هذا استخدم منشئ النص جملة من الأساليب الحجاجية و الروابط المنطقية وقد جاءت في النص كالتالي.............................

وبغية إقناعنا بطرحها اعتمد صائغ النص ثلة من الأساليب الحجاجية و الروابط المنطقية من أهمها..................................
تحديد قيمة أطروحة النص
تتمظهر القيمةالفلسفية للأطروحة المركزية للنص من خلال....................................
تتجلى قيمة أطروحة النص في كونها.........................................
تكمن قيمة و أهمية الأطروحة التي تبناها صاحب النصفي..................................
المناقشة
المناقشة بالتأكيد
ولتأييد موقف صاحب النص نستحضر تصور...................................
ولتدعيم موقف صاحب النص يمكننا إيراد.......................................
ولتأكيد تصور صاحب النص بمقدورنا تقديم موقف- وفي نفس المنحنى تنتظم أطروحة..........................................
و في نفسالاتجاه يرى........................................ ....... ........................
المناقشة بالاعتراض
و على خلاف تصور صاحب النصومؤيدوه نجد طرح...........................................
و على النقيض من الطرح الوارد في النص ينتظم موقف.........................................
وعلى العكس من تصور منشئ النص يمكننا إيرادموقف............................................
المناقشة بالتوفيق
للتوفيق بين الطرح الذي تبناه صاحب النص ومؤيدوه من جهة وبين الطرح الذي تبناه معارضوه من جهة ثانية باستطاعتناتقديم تصور........................................
وكموقف موفق بين المواقف المتعارضةالسالفة الذكر بمقدورنا إيرادتصور.............................................. ..
الاستنتاج والتركيب(الخاتمة)
صياغة خلاصة تركيبية موجزة
يتضح مما تقدم أن إشكالية...............................
يتبين مما سلف أن قضية..................................
خلاصة القول أن موضوع..................................
جملة الكلام أن مسالة.......................................
نستخلص مما سبق أن إشكالية....................................
إبداء الرأي الشخصي المبرر
أما في ما يتعلق برأيي الخاص فأضم صوتي.............................................. .
أما في ما يتعلق بموقفي الشخصي...................................... ....
أمابصدد تصوري..............................
أما فيما يرتبط بوجهة نظري الشخصية مم....................................

منهجية تحليل القصة القصيرة مع المؤلفات

              منهجية تحليل القصة القصيرة مع المؤلفات
لقد نشأت القصة القصيرة أواخر القرن التاسع عشر وهي أنسب الفنون الأدبية للتعبير عن تفاعلات الحياة اليومية ومشكلاتها، فالقصة في جوهرها فعل إنساني وموقف من الحياة، وهي نشاط نشأ بالضرورة وتطور منذ طفولة الإنسان، حيث وُجدت الحكايات في المجتمعات الإنسانية المبكرة لتلبي حاجات نفسية واجتماعية وعلى الرغم من اختلاف الكتاب والنقاد في تعريف القصة فإنهم أجمعوا على أنها نص أدبي نثري يتناول بالسرد حدثا وقع أو يمكن أن يقع، وهي فن أدبي يتناول حادثة أو مجموعة من الحوادث التي يمكن أن تجري في بيئة ما، تقوم بها شخوص متباينة وتنتهي إلى غاية محددة، وتصاغ بأسلوب أدبي معين. وتتميز القصة بعناصر منها الأحداث، الشخوص، الزمان، المكان، السرد… ومن القصاصين العرب نذكر: نجيب محفوظ، يوسف إدريس، يحي حقي، حنا مينة، أحمد المديني، أحمد بوزفور، محمد إبراهيم بوعلو.. 
ونص الأزيز نص قصصي يدل عنوانه على صوت سمعه السارد، ويمكن أن نقدر المحذوف على الشكل التالي: الأزيز مزعج، الأزيز مخيف… وبربط العنوان بالفقرة الأولى نفترض أن البطل رحل عنه النوم وامتنع حينما خلد جميع من في البيت إلى الراحة بسبب أصوات غريبة، ويمكن تحديد موضوع القصة ومتنها الحكائي على الشكل التالي:
  •انزعاج الشخصية المحورية من صوت غريب حرمها من النوم، حيث حاولت البحث عن مصدر الصوت المزعج لمقاومته واستدراج النوم بكل الوسائل.
والنص يمكن تقطيعه إلى متواليات سردية، حيث تحكى القصة وفق نظام تسلسلي يخضع للتراتبية الآتية (بداية، وسط، نهاية)، وباستثمار الخطاطة السردية يمكن تقطيع النص إلى المقاطع والمتواليات المتعاقبة التالية:
1- الوضعية الأولية (وضعية الانطلاق والبداية): رغبة البطل الشديدة في النوم بعد أن خلد جميع من البيت إلى فراشهم.
2- الوضعية الوسطية (سيرورة التحول): أ- حدث طارئ، ظهور صوت غريب (أزيز) حرم البطل من النوم، ب-تطور الأحداث: بحث البطل عن مصدر الأزيز، محاولة استدراج النوم. إزعاجه بحركاته زوجته وطفله الصغير النائمين قربه. ج-النتيجة أو عنصر الانفراج (حل العقدة: استيقاظ زوجته، وتأكيدها أن مصدر الأزيز هو تلفاز الجيران وإشارتها عليه بإقفال نافذة المطبخ، قيامه إلى النافذة وإقفال مصراعها.
3- الوضعية النهائية (النهاية): عودته إلى الفراش واستسلامه لنوم عميق.
ويمكن ملاحظة أن البنية السردية للقصة استهلت بوضعية مستقرة وهادئة وساكنة خلخلها حدث طارئ ومفاجئ ثم أغلقت بوضعية استقرار وعودة الهدوء والتوازن من جديد.
ويمكن رصد خصائص النص الفنية بالتركيز على نوع الحوار وهو حوار خارجي يدور بين الزوج (الشخصية المحورية) وزوجته (حاول أن تنام واترك الصغير ينام، ماذا بك ألا تريد أن تنام؟…) وحوار داخلي (مونولوج) يدور بين البطل ونفسيته (فكر عدة مرات، فكر من جديد في أن يكون هذا الأزيز آتيا من أنابيب الماء…) أما وظيفة الحوار الخارجي فهي رسم ملامح الشخصيات (شخصية الزوج مضطربة وقلقة وشخصية الزوجة هادئة وغير مبالية بالأزيز…) والتخفيف من رتابة السرد والإيهام بواقعية الأحداث، بترك الشخصيات تعبر عن انفعالاتها ومواقفها… وقد أدى الحوار الداخلي بصفة خاصة دورا واضحا في نقل الشحنات العاطفية المتوترة لدى الشخصية المحورية. فما هي دلالة الزمان والمكان في القصة؟ الزمان=الليل، المكان=البيت (غرفة النوم أو المطبخ)، ودلالة المكان: فضاء مغلق حميم (غرفة النوم) ودلالة الزمان(الليل): وقت الراحة والهدوء، وهما دلالتان لم تعكسهما تجربة البطل مع هذين الفضاءين بسبب الأزيز المزعج. 
إن قصة الأزيز حاولت أن تكشف صورة من الصور النفسية للبطل، وهي حالة متوترة وقلقة، والكاتب استمد مادته الحدثية من الحياة سواء أكانت هذه الحياة شخصية (داخل الغرفة) أو حياة غيرية (الجيران) وليس بالضرورة أن تكون قد وقعت فعلا بل يمكن أن تكون محتملة الوقوع وممكنة الحدوث في المجتمع أو الحياة حيث لعب الخيال وظيفة في بناء وتشكيل الحدث وربطه بالواقع ربطا يقوم على الإيهام، وذلك ما يميز القصة عن الحدث التاريخي وباقي الأشكال الأدبية النثرية، كما تبرز القصة قدرة الكاتب وموهبته في الاختيار والتميز، حيث سعى إلى تطوير الحدث وإبرازه وخلق مواقف مثيرة ومفاجئات كثيرة ووقائع متتابعة ليسير نحو النهاية برابط مبني على مبدأ السببية الذي ضمن للنص تسلسل أحداثه.
ii – درس المؤلفات:
يعتبر كتاب ظاهرة الشعر الحديث لأحمد المعداويالمجاطي، من طلائع المؤلفات المغربية التي صدرت حول الشعر العربي الحديث في فترة كان التأليف فيها حول الموضوع مطبوعا بالقلة والنزر، والمؤلف كتاب نقدي ورؤية ذات طبيعة متميزة لكونه يعكس قيما نقدية جمالية امتد دورها ليصل إلى الإنسان وإبداعاته.
وتندرج القولة ضمن الفصل الرابع الذي خصصه الكاتب للحديث عن عناصر الشكل الجديد للشعر العربي وإبراز أهم التغيرات التي مسته من حيث اللغة والصورة والأسس الموسيقية ونظام القافية. 2ن

أما مظاهر التحول في بناء الشكل الشعري الحديث فيمكن تحديدها انطلاقا من المستويات الآتية :
1- مستوى اللغة: ارتباط لغة كل شاعر بطبيعة التجربة التي يعيشها وبمفهومه لدور اللغة في عملية الإبداع… شحن الكلمات بدلالات غير مألوفة… البعد عن لغة الحديث اليومية، وتجنب اللغة التقريرية الجافة… صدور اللغة عن صوت داخلي منبثق من أعماق الذات ومتجه إليها… ميل اللغة إلى الإيماء والإشارة، والهمس.
2- مستوى الصورة الشعرية: اعتماد حركة الخيال في بناء الصورة الشعرية وربطها بآفاق التجربة الذاتية… توسيع مدلول الصورة الشعرية وتحريرها من أسر نموذج الصور البيانية في البلاغة القديمة… توظيف الرموز والأساطير والأقنعة في بناء الصور.
3- مستوى موسيقى الشعر الحديث ليس ظاهرة عروضية، بل إن ما يحدد علاقة الشاعر الحديث بالعروض هو عاطفته وإحساسه وفكره وخياله… تفتيت الوحدة الموسيقية القديمة… تعدد القوافي والابتعاد بالقافية عن النظام الهندسي الصارم واعتبارها جزءًا من البناء الموسيقي العام للقصيدة… الربط بين إيقاع البيت وإيقاع القافية ربطا عفويا متوازنا.
وقد اعتمد الكاتب في دراسته لظاهرة الشعر الحديث على مناهج مختلفة: اعتماد منهج متكامل يقوم على أساس توظيف منسجم لمقاربات متعددة في دراسة التحولات التي مست الشعر الحديث (المنهج التاريخي، المنهج النفسي، المنهج الاجتماعي، المنهج الموضوعاتي)
- كما اعتمد أسلوب الحجاج وأهم معالمه التدرج من العام إلى الخاص وإعمال المقارنة كآلية يراد بها الكشف عن مظاهر التشابه والاستشهاد بأقوال كثيرة لمبدعين وكتاب عرب وغربيين قصد إحداث الأثر في المتلقي وضرب الأمثلة الملائمة لسياق التحيين وهي في الغالب العام مقاطع أو نصوص شعرية منتقاة بعناية فائقة.
ملحوظة:
- التصحيح المقترح كان اعتمادا على دليل التصحيح الذي يقدم للأساتذة المصححين، ويراعى في تقويم الإنجاز تماسك التصميم المنهجي، سلامة اللغة، استثمار المكتسبات المعرفية واللغوية والمنهجية.
- علامة (—–) في التحليل تدل على نهاية الإجابة عن السؤال المطلوب والنقطة الممنوحة له.
(ننتظر ردودكم وانتقاداتكم واقتراحاتكم، والله ولي التوفيق)

Saturday, March 30, 2013

وِجدان الشاعر أحمد المجاطي




                                   عنوان الدرس :                                      سؤال الذات :               
                   وِجدان الشاعر    أحمد المجاطي
 المراجع : ـ في رحاب اللغة العربية . السنة الثانية من سلك البكالوريا – مسلك الآداب والعلوم الإنسانية .
الكفايات المستهدفة :
 ـ تواصلية : القدرة على استخراج الأفكار والمعاني، والتواصل مع قضايا أدبية مختلفة .
 ـ منهجية : توظيف القراءة المنهجية وتحديد الإشكالات وتفكيك الخطاب.
ـ ثقافية  : تعرف مسار تطور الشعر العربي،والإلمام بالاتجاهات والمدارس الشعرية .
خطوات الدرس :
 التمهيد :تقييم عام لخصائص شعر الانبعاث في علاقته بالواقع وبذات الشاعر .
     ملاحظة النص :
     - تحديد الدلالة التي يفيدها تركيب العنوان تركيبا إضافيا :
   ← الإضافة جعلت الوجدان معرفا و متعلقا بالشاعر، مع ما يفيده ذلك من خصوصيات تميز الوجدان عند الشاعر. 
     -استخلاص موضوع النص من خلال الفقرة الثالثة:.
   ← النص يعالج مبدأ الوجدان المتفق عليه بين شعراء التجربة الذاتية ومظاهر اختلافهم حول مفهومه.
    فهم النص :
1- الأسباب التي أدت إلى ظهور الاتجاه الذاتي حسب النص .
← الاتجاه الذاتي جاء ردا على الحركة الإحيائية الغارقة في التقليد بعيدا عن ذات الشاعر    .
2- التيارات الأدبية التي ساهمت في الرجوع بالشعر إلى الذات :
← بدأ الاتجاه إلى الذات مع مدرسة الديوان وتبلور مع تيار الرابطة القلمية وتيار جماعة أبولو.
3- تحديد أبرز الشعراء الذين أسسوا لتجربة الذات والفكرة التي توحدوا حولها:
← عباس محمود العقاد وعبد الرحمان شكري وإبراهيم عبد القادر المازني رواد التجربة الذاتية وأجمعوا على أن الشعر وِجدان .
4- مفهوم الوجدان عند شعراء مدرسة الديوان :
    ←   عباس محمود العقاد : الوجدان مزاجا بين الشعور والفكر.
    ←   عبد الرحمان شكري : الوجدان تأمل في أعماق الذات بكل أبعادها الشعورية واللاشعورية.
    ←   إبراهيم عبد القادر المازني: الوجدان كل ما تفيض به النفس من شعور وعواطف وأحاسيس.
5-المصدر الذي استمد منه الشعراء قيمة العنصر الذاتي في شعرهم :
 ← انهيار الفرد والعمل على إعادة الاعتبار لذاته ،والتشبع بالفكر الحر .
6- تصور شعراء المهجر لمفهوم الوجدان:
 ← الوجدان هو النفس هو الحياة هو الكون.
7 ـ نظرة الشاعر جبران خليل جبران للحياة وعلاقتها بالشعر:
 ←الحياة عند جبران خليل جبران تنبثق من داخل الإنسان ،والشعر ترجمة لهذه الحياة.
8 ـ وحدات النص الفكرية:
←عوامل ظهور اتجاه الذاتية   ( الفقرة الأولى)
←المبادئ والمفاهيم المعتمدة عند رواد اتجاه الذاتية ( الفقرة الثانية والثالثة)
     ←تطور مفهوم الوجدان مع أدباء المهجر    ( الفقرة الرابعة)
تحليل  النص:
1- تحديد القضية المركزية التي يعالجها النص:
← مظاهر انتقال الشاعر من التقليد إلى التجربة الذاتية.
2-الألفاظ والعبارات الدالة على أن الشعر الذاتي يميل إلى الحرية:
←قيم جديدة ـ الوجدان ـ الذات ـ الاختلاف ـ التمايزـ التفرد .
3-عناصر النقد الضمني لحركة الإحياء في النص :
   ← الحركة الإحيائية اتجهت اتجاها قويا نحو محاكاة الأقدمين ولم تول ذات الشاعر وهمومه الفردية أهمية كبرى .
4- مميزات المضمون الشعري بين الحركة الإحيائية وتيار الذاتية.
←الحركة الإحيائية : ركزت على بناء الذات الفردية اعتمادا على محاكاة الأقدمين بعيدا عن واقع الشاعر .
←تيار الذاتية : وسع مفهوم الوجدان وربطه بواقع الشاعر وجعل الذات كونية.
5 ـ طبيعة اللغة الموظفة في النص ووظيفتها في التعريف بالتيار الوجداني:
← اللغة في النص تقريرية تعتمد السرد التاريخي عبر تتبع المسار التاريخي لنشأة التيار الوجداني وتطوره .
6 ـ مظاهر الأسلوب الحجاجي في النص:
 ← الأطروحة: إشكالية التجربة الذاتية في الشعر العربي، ومناقشة الأطروحة ونقيضها من خلال تطور الإشكالية عبر التيارات الشعرية، ثم التركيب بطرح النهاية التي آلت إليها التجربة الذاتية.
7 ـ المفاهيم النقدية والأدبية الموظفة في النص:
    ← مفهوم الوجدان ـ ظاهرة الاختلاف حول مفهوم الوجدان ـ تطور المفهوم .
التركيب :
صغ خلاصة تستعرض فيها مفهوم الوجدان بين جماعة الديوان وشعراء المهجر والخلاصة التي انتهى إليها الكاتب.
التقويم :
حدد علاقة الشاعر بالحياة من خلال مفهوم الوجدان.
إعداد قبلي : قراءة نص "غرفة الشاعر" علي محمود طه وإنجاز أنشطة الفهم والتحليل .

Wednesday, March 27, 2013

التجربة والتجريب العقلانية العلمية معايير علمية النظرية

المحور الأول: التجربة والتجريب
ماالاشكال المطروح هنا؟ مالقضية التي يتعين معالجتها ومالسؤال أو الأسئلة التي ينبغي الجواب عليها؟
يحظى العلم (وخصوصا العلوم الدقيقة ) بتقدير خاص، حتى الخطاب الديني يستعير القوة الإثباتية للحقائق العلمية. ولو سألنا أنفسنا عن السبب، لأجبنا دون تردد: لإنه يعتمد على التجربة، يقال إذن عن العلم إنه علم تجريبي
ولكن ما المقصود بالتجربة ؟ هل التجربة حكر على العلم !؟ أليست التجربة هي لقاء الواقعي أي مايقع خارج الذات أو يتمايز عنها ؟وعليه ألا توجد التجربة في صلب علاقتنا بالعالم وبالآخرين؟ وإذا صح هذا التعريف الأخير، فما الذي يميز الممارسة التجريبية في العلم عن نظيراتها في باقي مظاهر النشاط المعرفي الإنساني، كالتجربة الروحية أو الجمالية أو العاطفية؟

التجربة ليست حكرا على العلم، لأنها تقع في أساس كل معرفة إنسانية


لتجاوز هذا الإحراج، يتعين علينا الوقوف عند خصوصية الممارسة التجريبية العلمية من أجل إبراز أوجه الاستمرارية أو القطيعة بين المعرفة العلمية خاصة بما هي معرفة تجريبية والمعرفة الإنسانية عامة التي يقال عنها أيضا أنه ثمرة للتجربة
يرى بيكون أن العلم التجريبي لايتجاوز العلم التأملي إلا بخروج الفكر من ذاته واتجاهه نحو الواقع لاكتشاف العلاقات بين ظواهره، لكن الفكر الإ نساني كان دائما متجها نحو الواقع منصتا للعالم الخارجي بانبهار حينا وبخشوع أو يأس أو رجاء حينا آخر، أي أن الممارسة التجريبية، من حيث تعلم من الوقائع، سابقة على نشوء العلم نفسه كما يقول روني طوم !
بعبارة أخرى، إذا كان العلم المعاصر منذ غاليليو وبيكون علما تجريبيا، فمالذي يشكل بالضبط خصوصية الممارسة التجريبية العلمية إزاء مختلف التجارب الأخرى كالتجربة الروحية أو الجمالية أو العاطفية؟...
لنبدأ أولا بتحديد دلالات مفهوم التجربة بوجه عام
في النص التالي يحلل فرديناند ألكييه مفهوم التجربة بوصفه اختبارا لوقائع متمايزة عن الذات في مقابل الخيالات والأماني واختلاقات الذهن، وبذلك فالخاصية الأساسية للتجربة-حسب آلكيي – كامنة في خضوع الذات وسلبيتها وهي تتقبل المعطى، وهذه السلبية موجودة في كل معرفة إنسانية، كما أن عنصر الخضوع والتلقي يجعل من كل تجربة معاناة وتحملا. وينتهي آلكيي إلى أن واقعة ما أو إحساسا أو فكرة أو حقيقة لا تكون معطاة من طرف التجربة إلا عندما تكون موضع معاينة خالصة تستبعد كل اصطناع أو تدخل أو بناء من طرف الفكر.
نص فيرناند ألكيي : مفهوم التجربة 
التقبل السلبي. تلك هي الخاصية التي توصل إليها الفلاسفة بعد تحليلهم لتجاربنا والتي حددوا بها مفهوم التجربة وميزوها عن الاختراع والابداع والخيالات والأماني. وبالفعل، أليس الحديث عن التجربة حديثا عن اختبار لغرابة حقيقية، وأن ما أفادنا وعلمنا هو بالضبط ماصدمنا وماعاكس طريقنا وأجبرنا على تغيير أوهامنا وأحكاما المسبقة والتخلي عن اليقينيات الوثوقية المكتفية بذاتها التي نتخدها غالبا منطلقا لنا؟ وحتى لو قمنا بتأويل التجربة وفهمها، فإنها تنطوي باستمرار على شيء من الخضوع ، أي خضوع الأنا. ولذلك تقترن التجربة عادة بالفشل؛ وكأن الألم ضروري لكي نغير مواقفنا من الحياة. هناك معارف لاسبيل غير المعاناة لتحصيلها ، إن خاصية المعاناة (التحمل) هو العلامة المميزة للموضوع الواقعي التي تسمح بتمييزه بشكل إيجابي...
والتجريب العلمي نفسه لايستحق نعت تجربة إلا لأنه وفي أكثر لحظاته فعالية إنما يمهد ويعلن عن لحظة السلبية التامة: أي اللحظة التي نكتفي فيها بتقبل واستقبال الواقعة التي تمثل جوابا بالنسبة للنشاط الفكري . صحيح أن الواقعة العلمية واقعة محددة بقوانين وفرضيات وبنسق فكري كامل، بيد أنها مع ذلك لاتكون واقعة إلا إذا انطوت على معطى [قائم بذاته ]غير قابل للإختزال (...)
نستطيع إذن أن نمنح لكلمة "تجربة" معنى دقيقا فنعلن أن أن واقعة ما أو إحساسا أو فكرة أو حقيقة تكون معطاة من طرف التجربة عندما تكون موضع معاينة خالصة تستبعد كل اصطناع أو تدخل أو بناء من طرف الفكر. بيد أن هذا مثل هذا التعريف يفتقر إلى الصفة الواقعية مادام ان مساهمة المعطى الخارجي تمتزج دائما بشيء من الاستجابة الفكرية الفعالة
يشير المفهوم الفلسفي للتجربة إذن إلى "تجربة خالصة" لاتجريب فيها أبدا؛ تدل كلمة "تجربة" على ذلك عنصر السلبية الموجود في كل معرفة إنسانية

2-الممارسة العلمية قائمة على "تجريب" لا مجرد "تجربة"
==
إذا كانت التجربة في معناها العام خضوعا سلبيا للمعطى الخارجي وموجودة في كل معرفة إنسانية، فهل تنسحب هذه الدلالة على الممارسة التجريبية في حقل المعرفة العلمية؟
لننصت إلى العلماء أنفسهم، إلى عالم الفيزيولوجيا الفرنسي كلود برنارد، أحد آباء المنهج التجريبي ومنظريه، وهو يصف ممارسته التجريبية، حيث يتضح جليا أن التجريب العلمي ليس مجرد خضوع للمعطى بل إخضاع للمعطى، ليس مجرد إنصات، إنه استنطاق
وهنا يتضح التمييز - التي دعا إليها ألبير جاكار - بين التجربة بما هي جماع ملاحظاتنا للظواهر التي تعطانا من قبل الطبيعة على نحو مباشر، وبين التجريب الذي هو ملاحظة لاستجابات معطيات العالم الواقعي ، حينما نخضعها لشروط منظورة وموجهة من طرف فكرنا
نص كلود برنار : الممارسة العلمية تجريب لا مجرد تجربة 
ذات يوم، أحضر لي أحدهم أرانب اقتناها من السوق. وحين وضعتها على منضدة المختبر تبولت، فلاحظت بالصدفة أن بولها صاف وحمضي. واسترعاني ما لاحظته، لأن بول الأرانب يكون، عادة، مكدر اللون وغير حمضي ، باعتبار أنها حيوانات عاشبة، في حين أن بول الحيوانات اللاحمة يكون، كما هو معلوم، صافيا وحامضا. وقد قادتني ملاحظتي للحموضة في بول الأرانب إلى تصور أن هذه الحيوانات قد أخضعت لنظام غذائي يناسب الحيوانات اللاحمة. فافترضت أن من الأرجح أنها لم تذق الطعام منذ فترة طويلة، وأنها تحولت، بفعل الإمساك الطويل عن الأكل ، إلى حيوانات لاحمة تقتات من دمها لكي تعيش. ولم أجد أمرا أيسر من التحقق، بواسطة التجربة من صحة هذه الفكرة المفترضة أو هذه الفرضية. فقدمت ‏طعاما من العشب للأرانب، وبعد بضع ساعات لاحظت أن بولها أخذ يتكدر وأصبح غير حمضي. ثم أخضعت نفس الأرانب للإمساك عن الطعام ، وبعد مرور أربع وعشرين ساعة أو ست ثلاثين ساعة على أقصى تقدير، استحال بول الأرانب، مرة أخرى، إلى الصفاء والحموضة الشديدة، ثم تحول، من جديد، إلى بول مضطرب اللون وغير حمضي، حين قدمت لها عشبا. وكررت هذه التجربة البسيطة ‏مرات عديدة، فكنت أحصل ، دوما، على نفس النتيجة. وكررت هذه التجربة على الخيول، وهي كذلك حيوانات عاشبة، بولها مكدرا اللون وغير حمضي، فاكتشفت، أن إمساكها عن الطعام، ينتج حموضة مفاجئة في بولها، وزيادة مهمة نسبيا في مادة "الأوريا" Urée (مادة بلورية توجد في بول الحيوانات اللاحمة)، إلى درجة أنها كانت تتبلر، أحيانا، بشكل تلقائي في البول بعد برودته. وهكذا خلصت على إثر تجاربي، إلى هذه القضية العامة التي لم تكن معروفة حينها، ومؤداها أن كل الحيوانات تتغذى باللحم، عند إمساكها عن الطعام، بحيث يغدو بول الحيوانات العاشبة مشابها لبول الحيوانات اللاحمة.
كلود برنار- مدخل لدراسة المنهج التجريبي ص 216-217 نقلا عن "مباهج الفلسفة"


يقدم هذا النص تجربة علمية تكاد تكون غاية في النموذجية و الوضوح لمفهوم التجريب كما يتجلى في مراحل المنهج التجريبي:
1- لاحظت بالصدفة ...
يبدو وكأن شرارة البحث العلمي تنقدح من ملاحظات عفوية تثير انتباه العالم، بيد أن الصدفة كما يقول باستور لا تواتي سوى العقول المتيقظة

2- استرعى انتباهي ما لاحظته ...
حصول تعارض بين معطيات الملاحظة والمعارف العلمية السابقة، والواقع أن هذه الأخيرة هي التي تعطي للملاحظات دلالتها العلمية، وتنتقل بالموضوع من "موضوع واقعي" إلى "موضوع-معرفة"

3- فافترضت أن ...
اقتراح تفسير للملاحظة. تقول هذه الفرضية أن الأرانب وهي حيوانات عاشبة قد خضعت لنظام غذائي شبيه بالنظام الغدائي للحيوانات اللاحمة. ذلك أن الإمساك الطويل عن الطعام جعلها تقتات من مخزونها
4- لم أجد أيسر من التحقق بواسطة التجربة...
  • فقدمت ...
  • لاحظت ...
  • ثم أخضعت ...
  • وكررت... للتأكد من دور مختلف العوامل
    -فكنت أحصل ...
    -فاكتشفت...
تشير مختلف هذه الإجراءات إلى البروتوكول الذي يتم وفقه التجريب، ويستهدف كل هذه الإجراءات التحقق من صحة الفرضيات واختبار التنبؤات التي تستنبط منها

5ـ- وهكذا خلصت.. إلى هذه القضية العامة ... ومؤداها أن كل الحيوانات ...
مرحلة الاستنتاج أو صياغة القانون العلمي الذي يتضمن بالضرورة نوعا من التعميم:لم يجر كلود برنار تجاربه سوى على الأرانب والخيول لكنه عمم نتائج التجريب على كل الحيوانات العاشبة
في مقام آخر من كتابه مدخل لدراسة الطب التجريبي، يجمل كلود برنار بنفسه المراحل السابقة محددا خصائص التجريب العلمي قائلا إن عقل العالم يوجد دوما بين ملاحظتين:
الملاحظة الأولى تسمح للعالم بالتعرف على الظاهرة ومعاينتها، وتولد في ذهنه سلسلة من الاستدلالات هدفها تفسير الوقائع الملاحظة بواسطة مجموعة من المبادئ والفرضيات ثم تصور عدة تجريبية لاختبارها
الملاحظة الثانية تواكب التجريب وتعقبه، حيث يقوم العالم بمعاينة النتائج التي أحدثها تدخله في الظاهرة المدروسة لكي يسجل جواب الظاهرة على سؤاله

خلاصة:
يتضح من هذا المثال أنه إذا كانت التجربة بمعناها العام هي مايحدث لنا فإن التجريب العلمي هي ما يحدثه العالم، الذي لا يكتفي بالإنصات للواقع بل يستنطقه محدثا خللا في الظاهرة المدروسة ومسجلا ردود أفعالها؛ وإذا كانت التجربة تلقيا، فإن التجريب حوار.
و عن هذا الحوار، يقول بريغوجين وستانجر في مؤلفهما المشترك "العهد الجديد، تحولات العلم":
نص ستانجر وبريغوجين : الحوار التجريبي

أثبت العلم الحديث قدرته على أن يقيم وبشكل منهجي حوارا تجريبيا مع الطبيعة. وهذا الحوار التجريبي ممارسة فاعلة وليس مجرد ملاحظة سلبية. إذ يتعلق الأمر بإعادة إخراج الواقع الفيزيائي وتشكيله ليتطابق ما أمكن مع الوصف النظري. يتم ذلك من خلال تحضير الظاهرة المدروسة وتنقيتها وعزلها إلى أن تطابق وضعية مثالية غير متحققة فيزيائيا ولكن معقولة من حيث أنها تجسيد للفرضية النظرية التي توجه مختلف الاجراءات التجريبية. وهكذا فالعلاقة الوثيقة بين التجربة و النظرية تنجم من كون التجريب يخضع السيرورات الطبيعية لاستنطاق لايكتسب كامل معناه إلا انطلاقا من فرضية تتناول المبادئ التي تخضع لها هذه السيرورات وبالنظر إلى مجموعة من الافتراضات الأولية المتعلقة بسلوكات لايعقل نسبتها إلى الطبيعة


وباختصار شديد:أين يكمن التقابل إذن؟
إنه قائم بين موقف تجريبي منفعل وموقف تجريبي فاعل (التجريب)، بين صدمة الفكر أوإنصاته للعالم الخارجي وهجومه عليه واستنطاقه إياه
تناقض قائم قائم بين تجربة تحدث لنا وتجريب يحدثه العالم
كما لو أن التجارب الجمالية والروحية والعاطفية ... هي نماذج لتجربة منفعلة في حين أن التجريب هو تجربة فاعلة


إشكاليةالمحور الثاني: العقلانية العلمية


نعود مرة أخرى إلى عبارة "علم تجريبي" لنتساءل: إذا كان التجربة هي مايميز العلم، فما حظ العقل ؟ وماذا طبيعة هذا العقل، أي ماطبيعة العقل العلمي ؟
تبين لنا في المحور الأول أن التجريب العلمي حوار، يتأسس على خطة وافتراضات، أي على بناء نظري /عقلي يتم على ضوئه مساءلة التجربة وتأويل أجوبتها
نريد في هذا المحور أن نركز أكثر على طبيعة العقل ووظائفه كما تفرزهما الممارسة العلمية، وكذا التأمل أيضا في نمط اشتغال العقل داخل ذلك الحوار التجريبي الذي تقيمه العلوم الحقة مع الطبيعة
ماطبيعة العقلانية العلمية؟ قبل أن تجيب الابستملوجيا المعاصرة على هذا السؤال، فقد أجاب عنه تاريخ الفلسفة من قبل، فيما يسمى بالنزعة العقلانية وخصيمتها التجربيبة، مما يفرض علينا سؤالا إضافيا: إذا كنا نتحدث اليوم عن عقلانية علمية، فما الفرق بينها وبين العقلانية أي ذلك المذهب الفلسفي المعروف؟
1- هل العقلانية العلمية نسخة معدلة للعقلانية الفلسفية أو المذهب العقلاني؟
بعد أن خفت الحماس التجريبي الذي واكب انبعاث العلم الحديث، ومع الاعتماد المتزايد على الصياغة والمعالجة الرياضية، ومع فقدان الموضوع الفيزيائي لطابع الشيئية في الميكروفيزياء...، انبعث مجددا مايسميه إينشتاين بحلم القدماء والمقصود به قدرة العقل على معرفة قوانين العالم الفيزيائي: ماذا يستطيع العقل متمثلا في البناء الرياضي أن يعرف؟ هل الرياضيات أداة كشف أم مجرد أداة للتعبير والصياغة؟
يوجد شبه إجماع بأن العقلانية العلمية تنفصل تماما عن العقلانية الفلسفية الكلاسيكية في صيغتها المكتملة والشامخة مع كانط، من حيث تخليها النهائي عن فكرة العقل كمضمون أو كبنية سطاتيكية مغلقة ونهائية قوامها مبادئ فطرية أو قبلية خار ج التاريخ. ولكن هل يعني ذلك قطيعة تامة بين العقلانيتين؟
ولكن إذا ماخلصنا العقلانية الكانطية من الطابع القبلي لمقولات العقل، فإن العقلانية العلمية كما فهمها إينشتاين والكثير من الإبستملوجيين الفرنسيين ليست سوى إنجاز أومواصلة للمشروع الذي وضعه كانط في مقدمة الطبعة الثانية من نقد العقل الخالص، في قوله: "لايرى العقل إلا ماينتجه هو وفق خططه الخاصة، وأن عليه أيضا أن يرغم الطبيعة على أن تجيب على أسئلته، لا أن ينقاد بحبال الطبيعة وحدها."
ويترجم روبير بلانشيه الوجه الجديد للعقلانية في هذه العبارات: “هكذا يعمل العقل على جعل التجربة تتوافق مع مفهوم النظام القبلي الذي يبدو في ظاهره مفهوما مناقضا للتجربة، شريطة أن ينزع العقل عن القبلي مايتضمنه من إطلاق وثبات، لئلا يستبقي من القبلية سوى فكرة وجود شرط يفرضه العقل بإيعاز من التجربة، من أجل تفسير معطيات هذه التجربة”
(مباهج ص 74)
نص إينشتابن: الطابع المبدع والخلاق للعقلانية العلمية
يدافع إينشتاين في النص التالي عن الطابع الابداعي للعقلانية العلمية ويضع المبدأ الخلاق في العقل والرياضيات مادام تاريخ العلم الحديث يشهد بأن الطبيعة أجابت دائما على أسئلة مصاغة بلغة رياضية؛ ويلتقي بذلك مع التصورات الابستملوجية التي لم تعد تعتقد في قدرة التجريب وحده على التحليل السببي للظواهر.
لاينكر إينشاتن أهمية التطابق مع التجربة كمعيار لتحديد فائدة الإنشاءات العقلية التي تظل بدون ذلك مجرد بناءات عقلية حرة، بيد أنه لايخفي مع ذلك ثقته في قدرة العقل على معرفة قوانين العالم الفيزيائي وتقديم صورة أكثر دقة عن هذا العالم الذي يشبه ساعة يدوية لاسبيل إلى فتحها، بل يتعين إنطلاقا من شكلها ومحيط دائرتها المتدرج وحركة العقارب والنبضات بناء أنساق ونماذج أقرب ماتكون إلى تمثيل الميكانيزم الداخلي المسؤول عن هذه المظاهر،
تبدو العقلانية العلمية مع أينشتاين تصديقا لحلم القدماء وطموحهم لفهم الواقع إنطلاقا من الفكر الخالص.،
نص أينشتاين : العقل الخالص قادر على معرفة الواقع 

‏إن كانت التجربة في بداية معرفتنا للواقع وفي نهايتها فأي دور يتبقى للعقل في العلم؟ إن نسقا كاملا من الفيزياء النظرية يتكون من مفاهيم وقوانين أساسية للربط بين تلك المقاهيم والنتائج التي تشتق منها بواسطة الاستنباط المنطقي وهذه النتائج هي التي يجب أن تتطابق معها تجاربنا الخاصة.
‏هكذا نكون قد عينا لكل من العقل والتجربة موقعه ضمن نسق الفيزياء النظرية، فالعقل يمنح النسق بنيته؛ أما معطيات التجرية وعلاقاتها المتبادلة فيجب أن تطابق بدقة نتائج النظرية.
‏وتستند قيمة مجموع النسق وتبريره على إمكانية ذلك التطابق فقط، وبالضبط، التطابق بين المقاهيم الأساسية والقوانين القاعدية، والا بقيت مجرد إبداعات حرة للعقل البشري دون أي مبرر قبلي سواء من طبيعة العقل البشري أو من أية طبيعة كانت.
‏وتمثل المقاهيم والقوانين الأساسية التي لا يمكن الدفع باختزالها المنطقي أكثر، الجزء الضروري في النظرية والذي لا يمكن استنباطه عقليا . ولا شك أن الهدف الأسمى لكل نظرية هو العمل على تبسيط وتقليص عدد تلك العناصر الأساسية غير القابلة للاختزال قدر الإمكان، دون أن يعني ذلك التخلي عن إمكانية تمثيل ولو معطى واحدا من التجربة تمثيلا ملائما ( .. .)
‏إنني متيقن أن البناء الرياضي الخالص يمكننا من اكتشاف المقاهيم والقوانين التي تحكمها والتي تمكننا من مفتاح فهم الظواهر الطبيعية. طبعا يمكن للتجربة أن ترشدنا في اختيار المفاهيم الرياضية التي سنستعملها، إلا أنها لا يمكن أن تكون هي المنبع الذي تصدر عنه. صحيح أن التجربة تمثل معيار المنفعة الوحيد للبناءات الرياضية في للفيزياء، بيد أن المبدأ الخلاق الحقيقي يوجد في الرياضيات.
‏وبمعنى ما ، إني أصادق على أن الفكر الخالص قادر على فهم الواقع، كما كان يحلم بذلك القدماء.
A Einstein, sur la methode de la physique theorique 1933
Cité par L.Hansen-love et F. Khoddos , Philosophie erminale T1 Hatier 1989 p367

2- المعرفة العلمية معقولةولكنها ليست عقلانية
ولكن ألا يسقطنا موقف إينشتاين في مزالق تصور مثالي للعقلانية العلمية؟ وهو المنزلق الذي يتهدد كل التصورات العقلانية قديما وحديثا، وذلك عندما يعتقد أن للعقل قوة خاصة به، يكتشف بواسطتها القوانين العامة للعالم الفزيائي؟
ألا ينبغي التشديد بالمقابل على الخاصية التجريبية للعقلانية العلمية؟
يرى رايشنباخ أن المعرفة العلمية معقولة ، ولكنه ينكر أن تكون عقلانية إذا فهم من هذه الأخيرة ذلك المذهب الفلسفي الذي تجعل العقل مصدرا لمعرفة العالم الفيزيائي
إن المعرفة العلمية معقولة لأنها تستخدم العقل مطبقا على مادة الملاحظة، مادام أن الملاحظة التجريبية هي مصدر للحقيقة عند رايشنباخ وغيرهم من فلاسفة الوضعية المنطقية، لكنها ليست عقلانية لأنها لا تتخد العقل مصدرا للمعرفة التركيبية المتعلقة بالعالم. ويرى رايشنباخ أن القرنين التاسع عشر والعشرين قد هيأ أخيرا وسائل تنفيد برنامج الفلسفة التجريبية القائل بأن كل حقيقة تركيبية تستمد من الملاحظة وأن كل امايسهم به العقل في المعرفة ذو طبيعة تحليلية.
وإذا كانت نجاحات المنهج الفرضي الاستنباطي في الرياضيات وفي الفيزياء اللنظرية تغذي ضروب الثقة في العقل، فإن رايشنباخ لايفوته أن يعتبر علماء الرياضيات أكثر من غيرهم عرضة للسقوط في تصور صوفي مثالي للعقلانية العلمية لما يعاينونه في علمهم من نجاح لمنهج الاستنباط المنطقي والاستبصار العقلي المستغني عن الإدراك الحسي.
إن الرياضيات شأنها شأن المنطق معرفة تحليلية، بيد أن معرفة الواقع الفيزيائي تستدعي معرفة تركيبية لا غنى لها عن الملاحظة.
وهكذا ينتهي الوضعية إلى تصور "أقل عقلانية" للعقلانية العلمية
نص هانز رايشنباخ : المعرفة العلمية معقولة وليست عقلانية 
يطلق على نوع الفلسفة التي تجعل العقل مصدرا لمعرفة العالم الفيزيائي إسم المذهب العقلي، وينبغي أن نميز بدقة بين هذا النمط، وكذلك الصفة المشتقة منه، وهي عقلاني، وبين لفظ معقول. فالمعرفة العلمية يتم التوصل إليها باستخدام مناهج معقولة لأنها تقتضي استخدام العقل مطبقا على مادة الملاحظة. غير أنها ليست عقلانية، إذ أن هذه الصفة لاتنطبق على المنهج العلمي، وإنما على المنهج الفلسفي الذي يتخد من العقل مصدرا للمعرفة التركيبية المتعلقة بالعالم، ولايشترط ملاحظة لتحقيق هذه المعرفة.
‏وفي كثير من الأحيان يقتصر إسم المذهب العقلي في الكتابات الفلسفية، على مذاهب معينة في العصر الحديث، بينما يطلق على المذاهب ذات النمط الأفلاطوني اسم المثالية تمييزا لها عن السابقة. على أننا سوف نستخدم اسم المذهب العقلي، بالمعنى الواسع دائما، بحيث يشمل المثالية. ويبدو أن لهذا الجمع ما يبرره، لأن نوعي الفلسفة متماثلان من حيث إنهما ينظران إلى العقل على أنه مصدر مستقل لمعرفة العالم الفزياثي. . . ويبدو من المفهوم أن العالم الرياضي يكون أكثر من غيره تعرضا للتحول إلى المذهب العقلي. ذلك أنه حين يدرك مدى نجاح الاستنباط المنطقي في مجال لا يحتاج إلى الرجوع إلى التجربة .. تكون النتيجة نظرية للمعرفة تحل فيها أفعال الاستبصار العقلي محل الإدراك الحسي، ويعتقد فيها أن للعقل قوة خاصة به، يكتشف بواسطتها القوانين العامة للعالم الفزيائي. وعندما يتخلى الفيلسوف عن الملاحظة التجريبية بوصفها مصدرا للحقيقة، لا تعود بينه وبين النزعة الصوفية إلا خطوة قصيرة . فإذا كان في استطاعة العقل أن يخلق المعرفة ، فإن بقية النواتج التي يخلقها الذهن البشري يمكن أن تعد بدورها جديرة بأن تسمى معرفة . ومن هذا المفهوم ينشأ مزيج غريب من النزعة الصوفية ‏والنزعة الرياضية .
‏هانز رايشنباخ، نشأة الفلسفة العلمية، ترجمة فؤاد زكرياء. المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت - ط 2 ‏- 1979 ص: 40 ‏- 41 نقلا عن "مباهج الفلسفة"

خلاصة:
رأينا أن التفكير في طبيعة العقلانية العلمية يقود إلى مراجعة الطابع القبلي الثابت لمبادئ العقل، لكنه يفتح مجددا السجال بين النزعتين العقلانية والتجريبية وقد اتخدت هذه الأخيرة إسم الوضعية

المحور الثالث: معايير علمية النظريات


لنتأمل للمرة الأخيرة عبارة "علم تجريبي" ولنسأل أنفسنا: متى تكون نظرية ما علمية؟ والجواب البديهي: عندما تطابق الواقع، ويتم التحقق منها بواسطة التجربة

وهو جواب صحيح إلى حد بعيد، مادام الواقع الذي يحاوره العلم من خلال التجريب هو موضوع وهدف النظريات العلمية. ولكن، بأي معنى يتم التحقق من النظريات العلمية، وهل هذا التحقق ممكن في جميع الأحوال؟ وماهي حدود التحقق إذا علمنا أن التعميم الذي يميز القوانين التتي توحدها النظرية قائم على استقراءات ناقصة؟ ألا ينبغي القول أن معيار صلاحية النظرية هو قابليتها للتكذيب وصمودها في وجه اختبارات ممحصة تستهدف تزييفها باستمرار؟
ولكن لماذا تطرح الإبستملوجيا، أصلا، السؤال حول علمية النظريات ؟
عندما ترغب في تمييز العلم عن اللاعلم
يظهر ذلك عند الوضعيين في رغبتهم تمييز العلم عن الميتافيزيقا
وكذا عند كارل بوبر في رغبته تمييز العلم عن أشباه العلم مثل الماركسية والتحليل النفسي

1- تكمن صلاحية النظرية العلمية في اجتيازها الناجح لاختبار التحقق التجريبي
يتحدد معيار صلاحيتها انطلاقا من وظيفتها: لايقبل دوهيم كغيره من الوضعيين إسناد مهمة التفسير للنظرية، لأن التفسير -كما يدل على ذلك الأصل اللاتيني لهذه الكلمة - يقتضي من النظرية أن تكشف النقاب عن الواقع الحقيقي الذي يتوارى خلف المظاهر التي تكممها وتربط بينها القوانين التجريبية. وبذلك تقع النظرية تحت سلطان الميتافيزيقا!!
إذا لم يكن درو النظرية هو التفسير فمادورها إذن؟
يتوقف دور نظرية عليمة جديرة بهذا النعت عند مستوى الوصف، بحيث تعبر بأكبر مايمكن من الدقة والبساطة عن مجموعة من القوانين التجريبية، وبذلك
فإن مهمة النظرية الفيزيائية ووظيفتها هي اقتصاد المجهود الذهني ، وإضفاء النظام على القوانين التجريبية ، وجعلها أسهل تناولا .ولو أخدنا فيزياء البصريات على سبيل المثال، سنجد أن الاختزال والبساطة توجدان على مستوى القانون التجريبيي ذاته الذي يقيم علاقة رياضية بين الشعاع الساقط والشعاع المرتد والمستوى، مختزلا بذلك حالات إنعكاس الضوء اللامتناهية، ثم يزداد التوحيد والتبسيط مع النظرية البصرية therie optique التي تجمع مختلف قوانين الظواهر البصرية
إذا صح أن النظرية وصفية، فمامن شك في أن معيار صلاحيتها يتحدد أساسا في تطابقها مع ماتدعي وصفه ، أي في اجتيازها الناجح لاختبار التحقق التجريبي؛ بيد أن دوهيم لايهمل معيار الاتساق المنطقي في مرحلة الصياغة والمعالجة الرياضية لمبادئ ومكونات النظرية وربط الفرضيات بالمبادئ...، بيد أن قيمة هذا الاتساق تتحدد في نهاية المطاف بمدى تطابق النتائج مع القوانين التجريبية آخدين بعين الاعتبار ماتسمح به أدوات القياس من دقة نسبية. .
نص بيير دوهيم: وظيفة النظرية العلمية هو الوصف ومعيار صلاحيتها تطابقها مع ما تصف 
نبدأ أولا بفحص الموقف الذي يجعل من التفسير غاية النظرية
الأصل اللاتيني لكلمة تفسير يعني تعرية الواقع من المظاهر التي تحجبه لرؤيته مباشرة وجها لوجه
[بيد أن ] ملاحظة الظواهر الفيزيائية لاتضعنا أمام واقع يختبئ خلف المظاهر الحسية، بل أمام هذه المظاهر نفسها منظورا إليها من زاوية خاصة وملموسة. والقوانين التجريبية لاتستهدف [حقيقة] الواقع المادي،بل هذه النظاهر نفسها لكن بشكل مجرد وعام
(...)
لو قبلنا أن النظرية الفيزيائية تفسير، فلن تبلغ هذه النظرية هدفها مالم تزح جانبا كل المظاهر الحسية لتمسك بالواقع الفيزيائي [الحقيقي[ وهكذا فأبحاصث نيوتن حول تشتت الضوء مثلا
‏إن اعتبار النظرية الفيزيائية كتفسير افتراضي للواقع المادي يترتب عنه جعل هذه النظرية تابعة للميتافيزيقا ، وبذلك فعوضا عن إعطائها شكلا تقبله مجموعة كبيرة من المفكرين، فإننا نجعل القبول مقتصرا على أو لئلك الذين يعترفون
‏بالفلسفة التي تدعي هذه النظرية الفيزيائية الانتماء إليها (...)
‏ألا يمكننا أن نعين للنظرية الفيزيائية موضوعا تصبر بمقتضاه مستقلة آعن كل ميتافيزيقا ؟ (...)
‏ألا يمكننا ، لبناء نظرية فيزيائية، إيجاد منهج مكتف بذاته ؟ (...)
‏إن النظرية الفيرياثية ليست تفسيرا . إنها نسق من القضايا الرياضية المسنبئطة من عدد قليل من المبادئ، غايتها أن تمثل تماما وببساطة، وبصورة صحيحة، ما أمكن ذلك، مجموع القوانين التحريية. ولتدقيق هذا التعريف نقوم بتحديد خصائص العمليات المتتالية الأربع التي تكون النظرية الفزيائية :
‏ا . من بين الخصائص الفيزيائية التي نقترح عرضها ، نختار تلك التي ننظر إليها كخصائص بسيطة والتي من المفروض أن تكون الخصائص الأخرى عبارة عن تجميعات أوتركيبات لها . وسنقابلها ، وذلك باستعمال طرق قياس ملآثمة، بما يناسبها من رموز رياضية، وأعداد، ومقادير. هذه الرموز الرياضية ليست لها أية علاقة طبيعية مع الخصائص التي تمثلها ، وانما لها معها علاقة دال بمدلول، وبواسطة طرق القياس يمكننا أن نقابل كل حالة فيزيائية بقيمة للرمز الممثل لها
‏والعكس بالعكس.
2 ‏. نربط بين مختلف أنواع المقادير التي أدخلت هكذا بواسطة عدد قليل من القضايا تسختدم كمبادئ لاستئنطاتها ، هذه المبادئ يمكن تسميتها فرضيات، بالمعنى الأصلي للكلمة، لأنها في الحقيقة أسس سيقوم عليها بناء النظرية . لكنها لا تدعي بأي حال من الأحوال التعبير عن العلاقات الحقيقية بين الخصائص الواقعية للأجسام. هذه القضايا يمكن إذن أن توضع بطريقة اعتباطية. والحاجز الوحيد الذي لا يمكن تخطيه مطلقا هو التناقض المنطقي إما بين ‏حدود نفس الفرضية، واما بين مختلف فرضيات نفس النظرية.
3 ‏. إن مختلف مبادئ وفرضيات نظرية ما تتركب فيما بينها حسب قواعد الاستنباط الرياضي، وخلال هذه العملية لا يكون العالم الفيزيائي مطالبا إلا بإرضاء مقتضيات المنطق الجبري. إن المقادير التي تقع عليها حسابات العالم الفيزيائي المذكور لا تدعي بتاتا أنها وقائع فزيائية، والمبادئ التي يستند إليها في استنباطاته لا يمكن أخذها على أنها تعبير عن علاقات حقيقية بين هذه الوقائع. فغير مهم إذن أن تكون العمليات التي ينجزها تتناسب أولا تتناسب مع التغييرات الفزيائية الواقعية (...)
4 ‏. إن مختلف النتائج التي استخرجناها هكذا من الفرضيات يمكن ترجمتها إلى ما يناسبها من أحكام تتعلق ‏بالخصائص الفزيائية للأجسام ؛ والمناهج الخاصة بتعريف وقياس هذه الخصائص الفيزيائية تكون بمثابة اللغة أو المفتاح الذي يسمح بتلك الترجمة، هذه الأحكام نقارنها مع القوانين التجريبية التي تروم النظرية تمثيلها ، فإذا توافقت الأحكام مع القوانين تكون النظرية قد أصابت هدفها وأثبتت صلاحيتها ، والا كانت غير صالحة ومن ثم وجب تعديلها أو رفضها .
‏وهكذا فالنظرية الصحيحة ليست كك التي تعطي عن المظاهر الفيزيائية تفسيرا مطابقا للواقع، بل النظرية الصحيحة هي التي تعبر بطريقة مرضية عن مجموعة من القوانين التجريبية. والنظرية الفاسدة ليست محاولة تفسيرية معتمدة على فرضيات مناقضة للواقع، بل هي عبارة عن مجموعة قضايا لا تتوافق مع القوانين التجريبية
‏إن الاتفاق مع التجربة يشكل بالنسبة للنظرية الفيزيائية المعيار الوحيد للحقيقة.
‏إن التعريف الذي قمنا بعرضه بصفة مجملة يميز في النظرية الفيزيائية أربع عمليات أساسية.
‏( . تعريف المقادير الفيزيائية وقياسها .
2 ‏. اختبار الفرضيات.
3 ‏. الاستنتاجات الرياضية من النظرية.

4 ‏. مقارنة النظرية بالتجربة.