Saturday, April 6, 2013

مجزوءة الوضع البشري





یعتبر موضوع الإنسان محور اھتمام الفلسفة، إذ تناولت مند بدایتھا مع الإغریق، و تنوعت طرق دراستھ و مجال
بحثھ، یمكن تحدید الظروف المتدخلة في تحدید حقیقة الإنسان إلى بُعدین، أولھما بعد موضوعي و یتجلى في مجموعة
من الإكراھات و الحتمیات و الضغوطات التي تفرض على الإنسان، و منھا خضوعھ لقوانین الطبیعة ثم سیادة قوانین
المجتمع و أعرافھ و تقالیده علیھ ثم كونھ كائن فان. أما البعد الثاني فھو ذاتي یرتبط أساسا بجانب الحریة و التفكیر
اللذین یتمتع بھما الإنسان، و من خلالھما یستطیع الإنسان أن یختار سلوكاتھ و یغیر من وجوده، وما دام الإنسان
یوجد داخل مجتمع فینبغي أولا تحدید حقیقة ھذا الإنسان و توضیح الأساس الذي تنبني علیھ، كما ینبغي تحدید علاقة
الأنا بالغیر على مستوى المعرفة و الوجود، و أخیرا ینبغي تحدید تصور الإنسان للتاریخ و مراجعة المعارف
التاریخیة و الأسس التي تنبني علیھا بھدف تكوین معرفة حقیقیة.
الشخص
یعتبر مفھوم الشخص من المفاھیم التي حضیة باھتمام العدید من الفلاسفة و المفكرین و العلماء من مجالات معرفیة
متعددة منھا : علم النفس، علم الاجتماع، القانون، الأخلاق، الفلسفة...لذلك یطرح إشكالات صعبة مرتبطة بحقیقة
الإنسان و ما یتعلق بھا من قیمتھ و مصیره و حریتھ.
"باسكال" التأمل العقلي بمثابة الوسیلة الوحیدة التي یمكن اعتمادھا في معرفة حقیقة الإنسان.
الشخص والھویة
"جون لوك" إن الإدراك الحسي أساسي في الوصول إلى حقیقة الشخص، وبالتالي شخص الإنسان وھویتھ تنبني
على مسألة الشعور.
"شوبنھاور" إن ھویة الشخص تتأسس على الإرادة، واختلاف الناس یرجع أساسا إلى اختلاف إراداتھم.
الشخص بوصفھ قیمة
"كانط" یعتبر أن قیمة الشخص تنبع من امتلاكھ للعقل ھذا الأخیر الذي یعطي للإنسان كرامتھ ویسمو بھ، إنھ یُشرع
مبدأ الواجب الأخلاقي.
"غوسدورف" قیمة الشخص تتحدد داخل المجتمع لا خارجھ،فالشخص الأخلاقي لا یتحقق بالعزلة والتعارض مع
الآخرین بل العكس.
الشخص بین الضرورة والحریة
"ج. ب. سارتر" حقیقة الإنسان تنبني أساسا على الحریة، فحقیقة الإنسان بمثابة مشروع یعمل كل فرد على تجدیده
من خلال تجاربھ واختیاراتھ و سلوكاتھ وعلاقاتھ بالآخرین.
"إمانویل مونیي" حریة الإنسان لیست مطلقة، وشرط التحرر من الضغوطات ھو تحقیق وعي بالوضعیة، والعمل قدر
الإمكان على التحرر من الضغوطات.
الغیر
إن مفھوم الغیر اتخذ في التمثل الشائع معنى تنحصر دلالتھ في الآخر المتمیز عن الأنا الفردیة أو الجماعیة (نحن).
ولعل أسباب ھذا التمیز إما مادیة جسمیة، وإما أثنیة (عرقیة) أو حضاریة، أو فروقا اجتماعیة أو طبقیة، ومن ھذا
المنطلق، ندرك أن مفھوم الغیر في الاصطلاح الشائع یتحدد بالسلب، لأنھ یشیر إلى ذلك الغیر الذي یختلف عن الأنا
ویتمیز عنھا، ومن ثمة یمكن أن تتخذ منھ الذات مواقف، بعضھا إیجابي كالتآخي، والصداقة وما إلى ذلك، وأخرى
سلبیة كاللامبالاة، والعداء... تطرح معرفة الغیر إشكالات فلسفیة اختلفت إجابات الفلاسفة فیھا، و من أھم ھذه
الإشكالات سنقف عند إمكانیة معرفة الغیر كذات واعیة. و ھو إشكال یتعلق أساسا بإعطاء قیمة لھذا الإنسان الذي
نحاول معرفتھ، أما الإشكال الثاني فیتعلق بمنھجیة التعرف على الغیر.
وجود الغیر:
"مارتن ھایدغر" وجود الغیر مھدد لوجود الذات ما دام یحرمھا من خصوصیاتھا، والغیر مفھوم قابل لكي یطلق على
كل إنسان.
"ج. ب. سارتر" وجود الغیر یھدد الذات من جھة وضروري لھا من جھة أخرى، إن نظرة الغیر إلینا تحرمنا من ھذه
الحریة وتجعلنا مجرد شيء أو عَبْدٍ.
معرفة الغیر:
"إدموند ھوسرل" معرفة الغیر ممكنة ما دام جزءا من العالم الذي أعیش فیھ، وما أعرفھ من الغیر ھو المستوى الذي
یشاركني و یشابھني فیھ.
"غاستون بیرجي" تتأسس حقیقة الإنسان على تجربتھ وعلى إحساساتھ الداخلیة، إن ھناك فاصلا بین الذات والغیر
یستحیل معھ التعرف على حقیقة ھذا الغیر.
العلاقة مع الغیر:
"إمانویل كانط" الصداقة ھي النموذج المثالي للعلاقة مع الغیر، و مبدأ الواجب الأخلاقي یفرض على الإنسان الالتزام
بمبادئ فاضلة وتوجیھ إرادتھ نحو الخیر دائما.
"أوغست كونت" إن الغیریة باعتبارھا نكران للذات وتضحیة من أجل الأخر ھي الكفیلة بتثبیت مشاعر التعاطف و
المحبة بین الناس.
التاریخ
یعتبر مفھوم التاریخ من الموضوعات التي تھتم بالإنسان وذلك بھدف تخلید تجاربھ و معارفھ، و لقد بدأ الاھتمام
بكتابة التاریخ منذ العصور القدیمة. غیر أن البحث في مجال التاریخ یطرح إشكالات متعددة، یتعلق أولھا بالوصول
إلى المعرفة التاریخیة من خلال اعتماد مناھج دقیقة و محاولة تحري الصدق و الوصول إلى الیقین، غیر أن الحقیقة
الیقینیة في المعرفة التاریخیة یصعب الوصول إلیھا، وذلك بسب(تدخل ذاتیة المؤرخ، وقلة الآثار والوثائق المعتمدة
وكون الواقعة التاریخیة غیر قابلة للتكرار)، أما الإشكال الثاني فیتعلق بدور الإنسان في التاریخ، ویتجلى الإشكال
الثالث في تحدید أھمیة المعرفة التاریخیة الماضیة بالنسبة للحاضر و المستقبل.
المعرفة التاریخیة
"بول ریكور" كتابة التاریخ مسالة صعبة، فمعرفتنا بالتاریخ لا تعد حقیقة مطلقة بل ھي معرفة نسبیة غیر أنھا ومع
ذلك تعد معرفة علمیة موضوعیة.
"ریمون ارون" معرفة الإنسان بالتاریخ عملیة صعبة ما دامت تعتمد على استخراج دلالة الوثائق والمعطیات والآثار
المنتسبة إلى الماضي، فالمؤرخ مطالب بالتزام الموضوعیة وأن یعیش على المستوى الذھني في اللحظة التاریخیة
التي یرید أن یدرسھا.
التاریخ و فكرة التقدم
"ك. ماركس" یتقدم التاریخ نحو الأفضل بفعل التناقض بین الإنتاج وعلاقات الإنتاج، وینتھي ھذا التناقض بمیلاد
مجتمع جدید وبالتالي تاریخ جدید.
"م.م. بونتي " تسلسل أحداث التاریخ یجعلھا خاضعة لمنطق یتصف بكونھ منفتحا على احتمالات جدیدة، ولھذا لا
یمكن الحكم على التاریخ لأنھ خاضع لمبدأ السببیة الحتمیة.
دور التاریخ في التقدم
"ف. ھیغل" لیس الانسان سوى وسیلة في ید التاریخ، إن التاریخ بمكره یوھمھ أنھ صانع التاریخ غیر انھ لا ینفد
سوى ارادة التاریخ وفق مسار الروح المطلق .
"ج.ب. سارتر" الإنسان صانع التاریخ بفضل ما یتمتع بھ من الحریة والوعي و القدرة على الاختیار بین إمكانات
متعددة، وصناعة التاریخ تستوجب استحضار الوعي و المسؤولیة 

No comments:

Post a Comment